إن اتفاقية الأمم المتحدة المقترحة للجرائم الإلكترونية هي اتفاقية مراقبة شاملة تفرض تدابير مراقبة محلية تدخلية وتلزم الدول بالتعاون في المراقبة وتبادل البيانات. وتتطلب من الدول مساعدة بعضها البعض في تحقيقات الجرائم الإلكترونية وملاحقتها، مما يسمح بجمع وحفظ وتبادل الأدلة الإلكترونية لأي جريمة تعتبر خطيرة بموجب القانون المحلي للدولة، مع الحد الأدنى من ضمانات حقوق الإنسان. ويمتد هذا التعاون حتى إلى البلدان ذات السجلات السيئة لحقوق الإنسان. بدأت المفاوضات بشأن هذه الاتفاقية في عام 2022، بمبادرة من اقتراح مثير للجدل من الاتحاد الروسي. وإذا تم تبنيها، فإنها ستعيد كتابة قوانين المراقبة في جميع أنحاء العالم. وسوف يتأثر ملايين الأشخاص، بمن فيهم/ن المدافعون/ات عن حقوق الإنسان والصحفيون/ات وباحثو/ات الأمن وأولئك الذين/ اللواتي يرفعون صوتهم/ن في وجه السلطة. وبدون ضمانات واضحة وقابلة للتنفيذ، تخاطر الاتفاقية بأن تصبح أداة لإساءة استخدام الدولة والقمع عبر الوطني بدلاً من حماية حقوق الإنسان. وفيما يلي مخاوفنا الرئيسية. للحصول على قائمة شاملة، يرجى الرجوع إلى خطوطنا الحمراء ومناشدتنا لمندوبي/ات الاتحاد الأوروبي.
المخاوف الرئيسية لمؤسسة الجبهة الإلكترونية
عنوان مشروع الاتفاقية مضلل ومثير للمشاكل: إن الجرائم الإلكترونية قضية حقيقية، ولكن مساواتها بأي جريمة تتعلق بتكنولوجيا المعلومات والاتصالات أمر ضار من الناحية المفاهيمية والعملية. وقد أدت الجهود الأخيرة على المستوى المحلي لتوسيع تعريفها إلى تجريم الأنشطة المشروعة، مثل النقد عبر الإنترنت، أو التعبير الديني، أو دعم مجتمع الميم - عين. وفي الاتفاقية المقترحة، تشجع التفسيرات الموسعة التي قد تؤدي إلى انتهاكات حقوق الإنسان والقمع عبر الوطني. التوصية: تقييد تعريف "الجرائم الإلكترونية الأساسية" مثل الهجمات التقنية على أجهزة الكمبيوتر والأجهزة والبيانات وأنظمة الاتصالات. استبعاد الأنشطة المحمية بحقوق الإنسان من نطاق الاتفاقية لمنع إساءة الاستخدام وضمان عدم استهداف هذه الحقوق بشكل غير عادل بسبب مساواتها بالجرائم الإلكترونية بأي جريمة تستخدم تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.
النطاق الواسع ومخاطر التجريم المفرط: يوسع فصل التجريم في مشروع الاتفاقية نطاقه بشكل خطير من خلال تضمين جرائم مثل "الاستمالة" والاعتداء الجنسي على الأطفال، وليس فقط الجرائم الإلكترونية. إن تعريفه لمواد الاعتداء الجنسي على الأطفال يخاطر بتجريم السلوك التوافقي بين القاصرين/ات. والأسوأ من ذلك، أن البروتوكول المقترح يمكن أن يضيف جلستين مخصصتين لمناقشة المزيد من الجرائم، مما يوسع نطاقه الواسع. التوصية: يجب أن يقتصر التجريم على المواد من 7 إلى 11. تضييق نطاق مادة مواد الاعتداء الجنسي على الأطفال لاستهداف الأفعال المتعمدة الخبيثة فقط، واستبعاد النشاط التوافقي بين القاصرين/ات من التجريم، وجعل الإعفاءات للمحتوى الذي ينتجه القاصرون/ات إلزامية، وضمان أن تستهدف أحكام التمويل فقط أولئك المتورطين/ات عن علم في أنشطة غير قانونية، واستبعاد الاستخدام العام لمثل هذه المواد، مثل الأدلة في التحقيقات الجنائية، والمواد العلمية أو الفنية.
يتيح النطاق الواسع لصلاحيات جمع الأدلة التجسس المحلي والعابر للحدود على أفعال التعبير: إن النطاق المفتوح للفصلين الرابع والخامس من الاتفاقية يهدد بتقويض التعاون بين أجهزة إنفاذ القانون فيما يتصل بجرائم الإنترنت الفعلية من خلال إضعاف الموارد. فهو يسمح للحكومات بالتجسس على الأشخاص لجمع أدلة محتملة على أي جريمة إذا ارتُكبت باستخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات. كما يسمح لدولة بمساعدة دولة أخرى في مراقبة أي جريمة خطيرة. وتؤدي هذه التوسعات إلى تحويل الاتفاقية إلى ميثاق مراقبة شامل. وتعطي المادة 23(2)(ج) الضوء الأخضر للتدابير التدخلية للجرائم البسيطة والتعبير المحمي الذي يُجرَّم بشكل مسيء في بعض البلدان. وتعني المادة 35(1)(ج) التعاون في الجرائم الخطيرة، والتي تُعرَّف بأنها جرائم يعاقب عليها بالسجن لمدة أربع سنوات أو أكثر، والتي يمكن أن تشمل أفعال التعبير التي تعتبر جرائم خطيرة في القانون الوطني. ويهدد هذا النطاق الواسع بإساءة استخدام السلطة بشكل كبير. التوصية: الحد من المادتين 23(2)(ج) و35(1)(ج) إلى المواد من 7 إلى 11 وحذف المادة 23(2)(ب). دعم توصية مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان بمراجعة تعريف الجرائم الخطيرة بحيث تعني فقط "تلك التي تنطوي على الموت أو الإصابة أو غيرها من الأضرار الجسيمة"، لأن مجرد الإيحاء باحترام حقوق الإنسان ضمن هذا النطاق الواسع أمر مهم ولكنه غير كافٍ لأنه يفتقر إلى الحماية القابلة للتنفيذ ضد سوء الاستخدام والانتهاك. ضمان اقتصار التعاون على المواقف التي يوجد فيها شك معقول في أن المساعدة القانونية ستنتج أدلة على ارتكاب جريمة جنائية.
ضمانات غير كافية لحقوق الإنسان: المادة 24، التي تتناول الشروط والضمانات وتتضمن مبدأ التناسب، تفشل في تضمين مبادئ حاسمة أخرى بشكل صريح مثل الشرعية والضرورة وعدم التمييز. تتطلب حماية حقوق الإنسان الفعالة الحصول على موافقة قضائية قبل إجراء المراقبة والشفافية بشأن الإجراءات المتخذة وإخطار المستخدمين/ات عند الوصول إلى بياناتهم/ن ما لم يعرض ذلك التحقيق للخطر. إن المسودة الجديدة تغفل هذه الضمانات، بل والأسوأ من ذلك أنها تؤجل الضمانات القليلة القائمة إلى القوانين الوطنية التي قد تتباين إلى حد كبير وقد لا توفر الحماية اللازمة دائمًا. كما تفتقر إلى الضمانات الخاصة بالمعلومات التي تتمتع بامتياز قانوني، وتفشل في منع التجريم الذاتي القسري، وتغفل الحماية لمحامي/ات الدفاع الجنائي. وتثير هذه الثغرات مخاوف بشأن تراجع حقوق الإنسان: فالاتفاقية لا ترفع سقف المراقبة التطفلية بل تؤكد حتى على أدنى أشكال الحماية، مما قد يقوض المعايير القوية القائمة.
صلاحيات تجسس سرية شديدة التطفل دون ضمانات قوية: يسمح المشروع بمراقبة سرية واسعة النطاق مع ضمانات ضعيفة، مما يشكل مخاطر كبيرة على المستويين المحلي والدولي. على المستوى المحلي، يسمح باعتراض بيانات حركة المرور في الوقت الفعلي لأي جريمة، في حين يقتصر اعتراض المحتوى على الجرائم الخطيرة - الجرائم التي يعاقب عليها بالسجن لمدة أربع سنوات أو أكثر في القوانين المحلية. يضطر مقدمو/ات الخدمات إلى المساعدة في أنشطة المراقبة هذه، في كثير من الأحيان تحت أوامر حظر النشر الدائمة، مما يمنع الإخطار حتى عندما لم تعد التحقيقات معرضة للخطر. على المستوى الدولي، يسمح المشروع لدولة بمساعدة دولة أخرى في تنفيذ مثل هذه المراقبة للجرائم الخطيرة، مما يجبر الشركات على الامتثال لطلبات المراقبة الأجنبية، أيضًا في سرية دائمة. هذا الافتقار إلى الشفافية والمساءلة هو وصفة لإساءة استخدام السلطة دون رادع وتقويض الثقة في الخدمات الرقمية. التوصية: حذف المواد 29 و30 و45 و46.
المساعدة الفنية القسرية: يتطلب المشروع من البلدان أن يكون لديها قوانين تمكن السلطات من إجبار أي شخص لديه معرفة بنظام كمبيوتر معين على تقديم المعلومات اللازمة لتسهيل الوصول. قد يتضمن ذلك طلب المساعدة من خبير/ة تقني/ة أو مهندس/ة لفتح قفل جهاز أو شرح ميزاته الأمنية، مما قد يعرض الأمان للخطر أو يكشف عن معلومات سرية. (على سبيل المثال، قد يُطلب من المهندس/ة بشكل تعسفي الكشف عن خلل أمني غير مُصلح أو تقديم مفاتيح تشفير موقعة لحماية البيانات). التوصية: حذف المادة 28(4).
التعاون غير القانوني في إنفاذ القانون يهدد بتراجع حقوق الإنسان: إن الصياغة الحالية للمادة 47 تخاطر بدعم التعاون المفتوح في إنفاذ القانون دون تفصيل القيود والضمانات اللازمة المطلوبة بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان. لا ينبغي للدول استخدام هذه الاتفاقية لتفويض أو طلب مشاركة البيانات الشخصية خارج نطاق معاهدات المساعدة القانونية المتبادلة الحالية، والضمانات المنصوص عليها بموجب اتفاق المساعدة القانونية المتبادلة، وآلية فحص اتفاق المساعدة القانونية المتبادلة. إن إزالة هذه الضمانات دون توفير حماية وقيود مماثلة تدعو إلى إساءة استخدام إطار المساعدة القانونية المتبادلة للإساءة و/أو القمع. التوصية: تقييد المادة 47(1) بالمواد من 7 إلى 11، وحذف المواد 47(1)(ب)، (ج)، و(و)، والإشارة إلى المادتين 24 و36 في المادة 47(2).
الحماية غير الكافية للباحثين/ات الأمنيين/ات وغيرهم/ن من أعمال المصلحة العامة: يفشل مشروع الاتفاقية في إعفاء البحوث الأمنية والصحافة والإبلاغ عن المخالفات من التجريم، مما يفرض مخاطر كبيرة على الأمن السيبراني وحرية الصحافة على مستوى العالم. ويشمل ذلك المشاركين/ات في الاختبار أو حماية أنظمة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات المعتمدة. ومع ذلك، تفتقر أحكام المشروع المتعلقة بالوصول غير القانوني والتنصت والتدخل إلى المتطلبات الإلزامية للقصد الجنائي والضرر، مما يهدد بمعاقبة جهود البحوث الأمنية. القائمة الكاملة للتوصيات متاحة هنا.
المخاطر التي تهدد حقوق مجتمع الميم – عين والنوع الاجتماعي: لا يزال النطاق الواسع للاتفاقية يشكل مخاطر كبيرة على حقوق مجتمع الميم - عين. يمكن استغلال فصل التعاون المحلي والدولي لاستهداف الأفراد على أساس جنسهم/ن أو ميولهم/ن الجنسية، خاصة إذا كانت القوانين المحلية تجرم هذه التعبيرات باعتبارها جرائم خطيرة. وهذا أمر مثير للقلق بشكل خاص بالنظر إلى تاريخ إساءة استخدام قوانين الجرائم الإلكترونية لاضطهاد الفئات المهمشة. التوصية: تقييد نطاق جمع الأدلة على الجرائم الإلكترونية الأساسية. مراجعة تعريف الجريمة الخطيرة وفقًا لتوصية مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان.